مُنجِد. "الجمع منجدون، منجدات. فاعل من أَنجَد. استعان بالمُنجِد: بِالْمُعِينِ الَّذِي يُلْتَجَأُ إِلَيْهِ لِلْمَعُونَةِ والْمُسَاعَدَةِ. ومِنْ هَذَا الْمَعْنَى اِسْتَعَارَ الأَبُ لوِيسُ مَعْلُوفٌ اسْمَ مُعْجَمِهِ اللُّغَوِيِّ: الْمُنْجِدُ" (موقع "المعاني"). في التعريف أيضا، المنجد "اسم علم. ولكن بسبب الشهرة التي نالها، اصبح كإسم للجنس. فقد أصبح تعبير المنجد يستعمل للدلالة على أي قاموس"، يكتب الاب كميل حشيمه اليسوعي في مجلة "النور"، لندن (نيسان 2001).
البصمة يسوعية، الرؤيا يسوعية، والتنفيذ يسوعي. المنجد "دليل على شغف الرهبان اليسوعيين بالحضارة العربية، وعلى فلسفتهم التربوية"، على قول ابو جوده. بتعبير آخر، انه "احدى مساهماتهم الكبيرة في الحقل الادبي واللغوي والثقافة العامة"، قطعة من تاريخ وجودهم وعملهم في لبنان والشرق.
في المقياس الادبي واللغوي، "المنجد هو القاموس"، على ما عنون ابو جوده كلمة يلقيها في المناسبة. ما تريد الاحتفالية ان تقوله هو "ان اليسوعيين امناء على رسالتهم في خدمة الثقافة والانسان في شرقنا، وانهم يواكبون التطورات. انها ايضا علامة على انهم مستمرون في التوجه والاندفاع عينهما، مع فريق عمل متفان باندفاع وغيرة وكفاية مهنية كبيرة".
ابن زحلة العالم في اللغة
على الطاولة في مكتب ابو جوده بدار المشرق، تجتمع عائلة "المنجد"، بكل اعضائها القدامى والجدد ايضا. "بطريركها" حديث الساعة. "المنجد في اللغة والاعلام"، صاحب الاحتفالية الـ110. عمر الصفحات تجاوز القرن. يقلب ابو جوده عددا منها، مستعيدا التاريخ. "هذا هو المنجد الذي وضع اسسه الاب لويس معلوف منذ 110 أعوام، انطلاقا من المعاجم العربية الاصيلة. انه المعجم الكلاسيكي (ضمن مجموعة مناجد دار المشرق)، بحيث لا نضيف اليه سوى الكلمات العربية التي تقرها المجامع العربية الكبيرة او التي يستخدمها كبار الادباء".
رسم قديم للاب معلوف عُلِّق على احد جدران مكتبة الدار. انه من ابرز وجوه المكان. نظارتان على العينين، لحية رمادية صغيرة، نظرات واثقة تخفي عزما وشغفا. انه صاحب الفضل بصدور "المنجد في اللغة والاعلام" العام 1908. اسئلة كثيرة عنه استوجبت ان "تفلش" مايا شرفان متى، مديرة التواصل والعلاقات العامة في الدار ومنظمة الاحتفالية، قصاصات من جرائد ومجلات قديمة اصفرت مع مرور الزمن، لتفتش فيها وتقرأ.
تقرأ عن الاب معلوف، والحصاد عنه لا بأس به. انه من منطقة زحلة (1863-1947). عالم في الفلسفة واللغة. تلقى علومه في زحلة، ثم في الجامعة اليسوعية. وبعدما انضم الى الرهبانية، اوفدته الى اوروبا، حيث حصل على علوم عالية في الفلسفة واللاهوت، ودرّس هناك في مدارس الرهبانية طوال 10 اعوام. وبعد عودته الى لبنان، تولى ادارة مدارس الارسالية، وايضا تعليم العلوم الشرقية للمرسلين. اصدر تقويم "البشير" طوال اكثر من 20 عاما. وخدم الصحافة 25 سنة من خلال مقالات كتبها في تلك المطبوعة.
اجاد العربية واليونانية واللاتينية، واتقن الفرنسية والانكليزية، وألمّ بالسريانية والعبرية. وبناء على فكرة "لسان العرب" لابن منظور، "ارتأى ان هذا القاموس ضخم، وليس لعامة الناس. فوضع منجدا حديثا في متناول الناس". "على ان ما تكرّم علينا به علماء اللغة وادباؤها الافاضل من عبارات الثناء والاستجادة قد نشّط همتنا وشدّد عزيمتنا على مداومة هذه الخدمة. فأخذنا الكتاب وأجلنا فيه يد العمل، ندقق النظر في مضامينه ونعارضها بما ورد في المآخذ الموثوق بها والامَّهات المعوّل عليها ونبذل الجهد في تحقيق المعاني وتحوير المباني والإتيان بالكثير من الامثلة والشواهد والعبارات الفصيحة... "، يكتب الاب معلوف في مقدمة الطبعة الخامسة من "المنجد" الصادرة العام 1927.
انجاز ضخم
انجاز "المنجد" واصداره عمل ضخم. "ما قام به الاب معلوف ليس مجرد عمل فكري حققه بسبب ميله الشخصي"، وفقا لابو جوده. "كان يتمتع بشغف باللغة العربية والثقافة العربية خصوصا. وهذا الشغف جعله يلمس وجود حاجة لدى الادباء والبحاثة والطلاب الى قاموس عملي يشمل الكلمات الاساسية المستخدمة، ويوفر عليهم عناء التفتيش في القواميس العربية الكبيرة".
طوال اعوام طويلة، اشتغل هذا الراهب اليسوعي على قاموسه. قرأ كثيرا، ودقّق كثيرا "ليأخذ من كل المعاجم الاصلية التعابير التي يستخدمها الانسان المعاصر، ويجمعها في المنجد. ونتابع في الطريق نفسه"، على ما يؤكد ابو جوده. طوال عقود، ثابرت دار المشرق في مواصلة عمل الاب معلوف من خلال "قسم المعاجم في المطبعة الكاثوليكية سابقا، ودار المشرق حاليا، والذي يهتم بتعديل المعاجم".
في الطريق، ابصر مولود لها آخر النور. "المنجد في اللغة العربية المعاصرة بدأه الاب صبحي الحموي اليسوعي، وتطلب منه انجازه 30 سنة، قبل ان يصدر العام 2000"، على ما يشرح ابو جوده. المنجد يضم "تعابير شائعة استخدمها كبار الادباء والصحافيين ورجال الفكر، لكنها ليست مدرجة في المعاجم العربية التقليدية. ويمكن ايضا ان نجد فيه كلمات معاصرة عديدة". سنويا، يتم اجراء نحو 200 تعديل عليه تشمل ادخال كلمات جديدة او الغاء اخرى.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire